محمد الخربوش
يشتكي بعض الفنانين التشكيليين من تنامي ظاهرة السرقات الفنية وانها اصبحت إشكالية بدأت تطفو على السطح حتى انه لا يمر معرض أو مشهد تشكيلي إلا وتثار العديد من الأسئلة حول بعض الأعمال المشاركة والتشكيك في اسلوبها وتقنياتها ومضامينها أيضاً بل إن البعض يرى أن ترك المجال مفتوحا بهذا الشكل وترك الحبل على الغارب كما يقال أدى إلى إزدهار وتنامي هذه الظاهرة وحضورها في اغلب المناسبات التشكيلية مما أدى أيضاً إلى أن تلقي بظلالها السلبي على ساحة التشكيل بشكلها العام. إن هذه الإشكالية التي يتحدث عنها بعض الفنانين بصوت مسموع ما هي إلا نتاج طبيعي لهذا الصمت الذي يمارسه الجميع تجاه من تثبت إدانته في هذا الجانب.
والحقيقة أن مسألة النقل أو الاقتباس المباشر أو سرقة العمل برمته لا تقتصر على الفن التشكيلي فقط فالمتابع لما يحدث في ساحة الأدب بأنواعه من شعر وقصة قصيرة ورواية وموسيقى وألحان وغناء وغيرها من معطيات الإبداع يجد أن ما يحدث هنا يحدث وبكل أسف هناك وأن ما يحدث في هذا النوع من العطاءيحددث في النوع الأخر ايضاً. لا ابدو متشائماً هنا لكنها الحقيقة التي لا تقبل الجدل شئنا أم أبينا، لكن المسار الأمثل هو أن نواجه جميعاً هذه الممارسات الخاطئة بقوة والمواجهة التي أقصدها هي تعرية من يمارس هذا النوع من الابتزاز وسلب حقوق الآخرين والصعود على أكتاف الغير أما ان يترك الأمر بهذه الصورة وكأن الأمر عادي فهذا هو الحال المائل الذي يجب تقويمه وإصلاحه لأن السكوت عن تلك الممارسات يمنح الضوء الأخضر لمن يمارسها بالاستمرار والتمادي في ذلك.
صحيح ان بعض هذه الممارسات يغلب عليه احياناً طابع الحذر والحيطة من جانب اصحابها من خلال بعض التحريفات والتعديلات البسيطة التي لا تقلل من قيمة العمل الفنية مما يصعب اكتشافها، إلا انه من الواجب على الصحافة والاعلام تسليط الضوء على تلك الممارسات الخارجة عن الاصول الادبية وتعرية اصحابها ليكونوا عبرة لغيرهم ولأنه من الظلم ان يسلب حق فنان كافح واجتهد وثابر حتى وصل إلى ما وصل إليه من عطاء وخبرة وتقنية ثم يأتي اخر مغمور ليقدم نفس الأسلوب ونفس الطرح بأي شكل من الاشكال ثم ينسب كل ذلك لنفسه بغمضة عين.
املي ان يدرك هؤلاء الممارسون لهذه السرقات انهم يضحكون على انفسهم اولاً قبل ان يضحكوا على غيرهم ثم ليعلم هؤلاء ان دوام الحال من المحال وانه لا يصح إلا الصحيح لأن الزمن كفيل بكشف الحقائق وايضاحها وبالتالي عرض هؤلاء أنفسهم إلى الحرج الشديد الذي يوصلهم إلى متاهات الحيرة والحسرة والزمن الذي لا يرحم وبذلك يكونون فقاعات سرعان ما تذوب ويحكم عليها بالتلاشي والضياع.